Publié le 10-10-2025

فنجان قهوتك في خطر... قبل ما توصل لـ2026 ؟

تشهد الأسواق العالمية واحدة من أخطر أزمات السلع الغذائية في السنوات الأخيرة، لكن هذه المرة ليست الحبوب أو النفط، بل القهوة. فالمشروب الصباحي الذي اعتاد عليه الملايين بات مهددًا بنقص حاد وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، نتيجة تداخل عوامل مناخية وجيوسياسية واقتصادية.



فنجان قهوتك في خطر... قبل ما توصل لـ2026 ؟

منذ بداية عام 2025، شهد سعر القهوة الخام قفزات ملحوظة، بلغ ذروتها في فبراير حين لامس سعر الكيلوجرام 7.23 يورو، وهو أعلى مستوى منذ عقود. وعلى الرغم من تراجع السعر تدريجيًا ليصل إلى 5.32 يورو في يوليو، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من معدل العام الماضي الذي لم يتجاوز 3.52 يورو. هذه الزيادة انعكست بشكل مباشر على أسعار المشروبات في المقاهي، حيث ارتفع سعر كوب اللاتيه إلى 3.40 يورو، والقهوة بالحليب إلى 2.60 يورو، مما أثقل كاهل المستهلكين.

وراء هذا الارتفاع، تكمن أزمة أعمق تتعلق بتراجع الإنتاج العالمي من القهوة. فالنبات الذي يزرع داخل ما يعرف بـ"حزام القهوة" ـ وهي منطقة تمتد بين مداري السرطان والجدي ـ يعاني اليوم من تغيرات مناخية قاسية تهدد مستقبله. البرازيل، التي تعد أكبر منتج عالمي، تعرضت لموجات جفاف شديدة لم تحدث منذ سبعين عامًا، في حين شهدت فيتنام، ثاني أكبر منتج، فيضانات مدمرة أعقبت فترة جفاف مطولة.

هاتان الدولتان مسؤولتان عن أكثر من نصف إنتاج القهوة في العالم، وأي اضطراب في محاصيلهما ينعكس بشكل فوري على الأسواق. ومع تغير أنماط الطقس وارتفاع درجات الحرارة، تحذر التقارير من أن مناطق واسعة من الأراضي المزروعة بالقهوة قد تصبح غير صالحة بحلول نهاية القرن الحالي، ما يهدد بزوال هذا القطاع في عدد من الدول المنتجة.

الأزمة لا تتوقف عند العوامل البيئية فقط. التوترات الجيوسياسية، وارتفاع تكاليف النقل والشحن، والقيود التجارية، كلها ساهمت في تعقيد سلاسل الإمداد. بعض الدول لجأت إلى تخزين كميات كبيرة من القهوة تحسبًا للنقص، ما ساهم في تقليص المعروض العالمي ورفع الأسعار أكثر.

القهوة من نوع "أرابيكا"، التي تمثل الجزء الأكبر من الإنتاج العالمي، هي الأكثر تضررًا من الأزمة، بسبب حساسيتها للحرارة والأمراض. أما "روبوستا"، رغم تحمله الأكبر، إلا أن طعمه المر ونسبة الكافيين العالية فيه تجعله أقل رواجًا لدى المستهلكين.

ورغم أن أسعار القهوة تشهد صعودًا حادًا في الأسواق العالمية، فإن المزارعين، وخاصة الصغار منهم، لا يجنون الأرباح المتوقعة. انخفاض الإنتاج وارتفاع كلفة الأسمدة والمدخلات الزراعية أرهقهم، مما يهدد بتراجع عدد المزارعين العاملين في هذا القطاع. المنظمة الدولية للقهوة تشير إلى أن هناك نحو 12.5 مليون مزارع صغير حول العالم يعتمدون على زراعة البن كمصدر رزق أساسي.

في ظل هذه الظروف، بات من الضروري إعادة النظر في أساليب إنتاج القهوة حول العالم، عبر الاعتماد على تقنيات حديثة أكثر استدامة، مثل الزراعة تحت الظل، أنظمة الري الذكية، وتطوير أنواع مقاومة للتغير المناخي.

لكن إلى أن يتحقق ذلك، يبدو أن نقص القهوة قد يصبح واقعًا يعيشه المستهلكون يوميًا، وقد يصبح فنجان القهوة الصباحي رفاهية يصعب الحفاظ عليها بنفس السهولة التي اعتدناها.



Dans la même catégorie