العلم يكشف: لماذا لا ينسى بعض الناس الوجوه أبداً؟

هل سبق أن التقيت شخصاً مرّة واحدة فقط، ثم فوجئت لاحقاً بأنه يتذكّر وجهك وكأنه رآك أمس؟

هؤلاء يسمّونهم "أصحاب الذاكرة الخارقة للوجوه"، أو ما يطلق عليهم بالانجليزيةSuper-recognizers…  والآن يكشف العلم السرّ وراء قدرتهم المذهلة.

فقد توصلت دراسة جديدة من جامعة نيو ساوث ويلز الأستراليةإلى أن هؤلاء الأشخاص لا ينظرون أكثر منّا بل ينظرون بذكاء أكبر.

فعلى عكس الآخرين، يلتقطون تلقائياً الملامح الأكثر تميّزاً في الوجه، تلك التفاصيل الصغيرة التي تجعل كل وجه فريداً.

لكن الخبر الأقل سعادة هو أن هذه المهارة ليست خدعة يمكن تعلّمها. وفق الباحث الرئيسي في الدراسة الذي أكد "أنها طريقة تلقائية وديناميكية يعمل بها الدماغ من دون جهد واعٍ"، بحسب ما نقل موقع "سيانس أليرت".

فقد اعتمدت الدراسة على تقنية تتبّع العين وتحليل حركة النظر لدى 37 شخصاً بقدرات فائقة على تمييز الوجوه، و68 شخصاً بقدرات عادية.

مهارة خارقة

ولاحظ الباحثون أن أصحاب المهارة الخارقة يوجّهون أنظارهم مباشرة إلى الملامح الأكثر دلالة: الانحناءات الدقيقة، المسافات بين التفاصيل، الحدود الفريدة للعينين أو الفم… كل ما يجعل الوجه "خاصاً".

ولتحليل النتائج بدقة، أُدخلت بيانات تتبّع العين إلى خوارزميات تعلم آلي متطورة، والتي تبيّن أنها تصبح أكثر دقة في التعرّف على الوجوه عندما تعتمد نمط نظر السوبر-ريكونايزرز، مقارنة بنمط الأشخاص العاديين، حسب "العربية".

فيما أشارت الدراسة إلى أن هذا التفوق يبدأ من المراحل الأولى جداً للرؤية، ربما من مستوى الشبكية نفسها.

كما أكدت أبحاث سابقة للفريق أن هؤلاء الأشخاص يتعاملون مع الوجه كأنه قطع بازل، أي أجزاء تُفكك قبل أن يعيد الدماغ تركيبها في صورة واحدة واضحة.

ويشبه هذا الأسلوب كما يصفه الباحثون بالكاريكاتير حين تبالغ في الملامح المميزة يصبح الوجه أسهل في التعرّف، ويبدو أن أصحاب الذاكرة الخارقة يفعلون ذلك لا شعورياً.

لكن رغم أن هذه النتائج قد تساعد مستقبلاً في تحسين أنظمة التعرف على الوجوه، فإن العلماء يؤكدون أن البشر ما زالوا متفوّقين على الذكاء الاصطناعي بفضل قدرتهم على التقاط الإشارات الاجتماعية والسياقية.

كذلك أشارت الأدلة إلى وجود جذور وراثية لهذه القدرة، كما أنها ليست محصورة بالبشر وحدهم، بل تلعب دوراً أساسياً في السلوك الاجتماعي لدى العديد من الرئيسيات.

في نفس السياق