2025-07-07 نشرت في
لمواجهة الحرّ: 2 مليون ''كليماتيزور'' في تونس
أكّد الخبير البيئي والمختص في الشأن المناخي حمدي حشاد، في تدوينة حديثة أن عدد مكيفات الهواء في العالم مرشح للارتفاع إلى حوالي 5 مليارات وحدة بحلول سنة 2050، مقابل 2 مليار حاليًا، وهو تضاعف وصفه بـ"المؤشر الخطير" على العلاقة المعقّدة بين الإنسان والمناخ.

وأوضح حشاد أن الناس تلجأ للمكيفات لمواجهة موجات الحر القاتلة التي أصبحت أكثر تواتراً وحدةً، غير أن التبريد نفسه يساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، في ما يُعرف بـ"الحلقة المفرغة المناخية": كلما ارتفعت درجات الحرارة، زاد استهلاك المكيفات، وكلما زاد الاستهلاك، ارتفعت الانبعاثات المسؤولة عن الاحترار.
وكشف، استنادًا إلى تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة سنة 2018، أن مكيفات الهواء قد تمثل 10٪ من إجمالي استهلاك الكهرباء العالميبحلول منتصف هذا القرن، في وقت لا تتجاوز فيه نسبة الأسر التي تمتلك مكيفات الثلث على مستوى العالم، مع تسجيل نمو سريع للطلب في دول الجنوب، حيث ترتفع درجات الحرارة ويشهد الدخل تحسنًا نسبيًا.
وأشار حشاد إلى مثال الهند، حيث يُتوقع أن يقفز عدد المكيفات من 27 مليون وحدة سنة 2020 إلى 1.1 مليار وحدة في 2050، فيما تُشير تقديرات إلى أن عدد المكيفات في تونس تجاوز 2 مليون وحدة في 2024، بعد أن كان لا يتعدى عشرات الآلاف في بداية الألفينات.
وشدّد على أن الإشكال الأكبر يكمن في نوعية الأجهزة، خاصة تلك الرخيصة المنتشرة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والتي تستخدم غازات تبريد من عائلةHFC، وهي غازات تساهم في الاحتباس الحراري آلاف المرات أكثر من ثاني أكسيد الكربون. ورغم اتفاقية كيغالي (2016) التي تهدف إلى الحد من هذه الغازات، إلا أن الامتثال لها يبقى محدودًا في الدول الفقيرة.
وأبرز حشاد ما جاء في تقرير حديث نشره موقعCourrier International، بتاريخ 3 جويلية 2025، والذي كشف عن دراسة لمنظمة العمل الدولية توثق وفاة أكثر من 4200 عامل حول العالم سنة 2020 بسبب الحرارة المفرطة، أغلبهم في إفريقيا وآسيا، وهم من لا يملكون ترف التبريد، ويشتغلون في ظروف قاسية في قطاعات الزراعة والبناء والنقل.
كما لفت إلى المفارقة المؤلمة، حيث أن من لا يستطيعون شراء مكيفات هم الأكثر تضررًا من الحرارة، وإن تمكنوا من شرائها، فإنها تكون من النوع الرخيص والملوّث، مثل ما يحدث في تونس مع المكيفات المهرّبة التي تُباع بأسعار منخفضة في الأسواق الموازية، لكنها تستهلك الكثير من الطاقة وتفتقر لمواصفات السلامة والكفاءة.
ودعا حشاد في ختام تدوينته إلى تبني حلول جذرية وعادلة، على غرار تحسين كفاءة الأجهزة، وتسريع اعتماد التكييف بالطاقة الشمسية، وفرض معايير بيئية صارمة على المصنّعين، وتمكين الدول النامية من الوصول لتكنولوجيا تبريد نظيفة. وأشار إلى جهود بعض الشركات، مثل Daikin اليابانية، التي تطوّر مبردات أقل ضررًا بالبيئة، مؤكدًا أن وتيرة التبني العالمي لهذه الابتكارات ما تزال بطيئة.
وختم بالتحذير: "إذا واصلنا السير في هذا الاتجاه دون سياسة مناخية عادلة، فإن التكييف – الذي نظنه خلاصًا من الحر – قد يتحول إلى أحد أكبر مسبباته. وسنعيش في صيف دائم، لا كفصل من الفصول، بل كواقع دائم ومخيف."