2018-03-06 نشرت في
طارق الكحلاوي : بورقيبة كان خانقا، كابوسا لا يشير شيء لنهايته
نشر طارق الكحلاوي، القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، مقالا نشر على موقع 'عربي 21' بمناسبة ذكرى رحيل الزعيم الحبيب بورقيبة
و قام الكحلاوي بوصف مدقق لبعض الأحداث و التفاصيل التي ظلت عالقة في مخيلته منذ وقت طويل، فتارة يميل إلى المدح و تارة أخرى يطلق سهام انتقاداته بطريقة تدعو إلى الإستغراب، فتهكم 'سيدنا' على زعيم تونس عندما ذكرنا بأن كل شبر من البلاد يحمل إسمه، في إشارة إلى 'ألوهية' بورقيبة و إستعرض مواقفه في بعض الأحيان متغزلا بصفاته و خصاله لإضفاء المشروعية على الفصل 15 أو فصل الإقصاء الذي أصبح الهاجس الأوحد لهواة المؤتمر
و يقول الكحلاوي في أحد مقاطع المقال :
بالنسبة لي كان علي أن أمر منذ صغري، حينما عشت الجزء الأخير من حكم الرجل، بمراحل مختلفة لأفهم في النهاية و على أسس موضوعية لا ذاتية أن الرجل لا يتميز بلون حاسم، هو الشخص الرمادي بإمتياز
مثلما أشرت في أحد النصوص منذ سنوات كنت من الجيل الذي كان بعضه - إن لم يكن كله - شاهدا على بورقيبة المهترئ، العجائبي، المتكرر إلى حد الضجر قبل و بعد و خلال نشرات الأخبار، في بورتريهات المحلات الفخمة و بيع الفواكه الجافة و حتى أعمدة النور، و أيضا الخرائب
بورقيبة الخطيب 'صباحا مساء... و يوم الأحد'، و الضاحك أحيانا، الباكي أحيانا أخرى. وجه متقلب محفور بالقديم و العتيق، يتحرك كآلة صدئة، يتكلم بحشرجات تقبل التأويل، حتى تخاله شبح نفسه
هو إسم تونس، أو هكذا أراد أن يكون و أراده أن يكون من تبقى من مريديه. كان إسم الشارع و المقهى و الملعب و الميناء و المطار و محطة الحافلات و عربات النقل الريفي. إسم البنايات الرسمية و المنتجعات الترفيهية و الجسور. إسم بطولة كرة القدم و كأسها و منافسات الألعاب المدرسية و إنجازات الفرق الوطنية للرياضات الفردية و الجماعية. إسم كتاب التاريخ و الجغرافيا. إسم الحركة الوطنية و أعياد البلاد. إسم الشعر الشعبي و الأغاني الوطنية و العاطفية إن لزم الأمر. إسم 'الجهاد الأكبر' و 'الأصغر' على السواء. و إسم خطب رئيس الوزراء و بيانات الحزب و الحكومة و المنظمات الشعبية و الجريدة الرسمية و بداية البثين التلفزيوني و الإذاعي و نهايتهما. كان إسم النكات و أدب السخرية السياسية 'تحت الأرضي'. و إسم هجاء أجيال المعارضين. كان خانقا، كابوسا لا يشير شيء لنهايته
ع.ب.ب