2018-03-06 نشرت في

النظر جنوبا لشاكر السياري.. رحلة أخرى نحو أرض الجنوب

من رحم المأساة ينساب القصيد..رخوا..عبقا..يصنع أطره واقع التهميش و الصور الإنسانية الضائعة في زخم هذا التسارع المؤلم ، هي نظرة عن كثب نحو قيم أرض الجنوب ، هو "النظر جنوبا" كما أختار الشاعر شاكر السياري، عنوان هذا العمل الشعري الأول، يجمع فيه الأضداد و التناقضات بين عالمين أحدهما ليّن و آخر صلب متصلّب قاس، في ديوان من الحجم المتوسّط، يحمل 48 قصيدا خرجت حديثا إلى النور.



النظر جنوبا لشاكر السياري.. رحلة أخرى نحو أرض الجنوب

من أرض الجنوب ينسج شاكر السّياري أطروحته الشعرية قلبا و قالبا ، بعيدا عن المعطى الجغرافي في علاقة الشمال بالجنوب أو علاقة الجنوب بالشمال، بل هي رمز لكل تلك القيم التي سقطت من الإنسان و هو يتقدّم نحو التكنولوجيا و الحداثة فأهمل قيمه و تنازل عن قيمته كإنسان في كثير من جوانبها، فالجنوب حاضر في ذاكرة الشاعر قيمة ثابتة يحاول أن يقدّمها في نفس شعري "ثوري" في صورة جذّابة متكاملة الأبعاد، فالنص الشعري عند السياري كناية و تشبيه و إيحاء و بوح..

تحضر مغازلة الأرض و تحضر معاناة المفقّرين و المهمشين و الجياع و يحضر السياري كأن به شوقا لاحتضان أرض الجنوب، تقول القصيدة ما لا يقال و تخرج من عبق الذكرى في دلالات شعرية عن الثورة ، وهو النهج الذي أختاره السياري و دأب عليه منذ نعومة نصّه الشعري.

"النظر جنوبا" هي لفتة أخرى نحو المستضعفين، لكلّ اللذين وجدوا أنفسهم على هامش هذه الحياة، ينتصر لهم السياري في نصّه الشعريفغالب قصائد هذه المجموعة مهداة أساسا للمفقّرين و المجوعين للذين ينظر إليهم المجتمع نظرة استعلاء ، يحتفي بهم في نظرة فنّية، ضمن واجب الفنان و الشاعر حسب السياري،ولا تكون مجرّد واجهة للنظم المكرس فهي خارج المكرس و خارج الإطار و خارج حيّز المحتفى به الرسمي.

"نحن بخير" هي قصيدة أختارها شاكر السياري لتكون على ظهر الديوان، يقول إنها تؤرّخ لتجربة عاشها في مدينة"سبيبة" مسقط رأسهالتابعة لولاية القصرين ، و هي ردّ عمّا لحق هذه المدينة من تهميش:

نحن بخير

لم تلمس هذه الأصابع كمنجة في طفولتها

لم تداعب فرشاة في نواد الرسم

كانت ماهرة في نصب الفخاخ للعصافير

بارعة في قنص فوانيس الحي بالمقلاع

أصابع أقدامنا تنزف في شوارع الأحياء المنسية

فيما نحن نركض

 وراء كرة الخرق و أكياس البلاستيك

ضحكاتنا عالية و مجنونة

 إذ نظفر بكؤوس عصير لم يشربها الضيوف

أيتها الكائنات الأنيقة على الصالونات الفاخرة

لن نكون مجرمين وقطاع طرق

 لن ننافسكم في ذلك

أيتها العيون الباكية علينا أمام الكاميرا

أيها السماسرة جميعا

نحن بخير..

سنكبر لنصبح شعراء

شاكر السياري شاعر تونسي من مواليد 1983 أصيل منطقة "سبيبة" من ولاية القصرين ،مجاز في الحقوق من كلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة، أسهم في تأثيث عديد الأمسيات الشعرية و الملتقيات الوطنية للأدب إما مشاركة أو برمجة و تنشيطا. متحصّل على عدة جوائز وطنية في الشعر.

رمزي زائري


في نفس السياق



آخر الأخبار