2018-03-06 نشرت في

المنصف المرزوقي : يستحيل الذهاب بمثل هذا الإعلام للانتخابات الحرة والنزيهة

نشر المنصف المرزوقي مقالا على موقع الجزيرة بعنوان حقوق الإنسان بين موقع النضال وموقع المسؤولية



المنصف المرزوقي : يستحيل الذهاب بمثل هذا الإعلام للانتخابات الحرة والنزيهة

وجاء في المقال القضايا الاستعجالية بالنسبة لرئاسة الجمهورية من بينها القضية الاستعجالية الثالثة، التي تشغل بالي وبال كل التونسيين، هي طريقة البعض في ممارسة حرية الرأي والتعبير


كم كنا سذّجا عندما ناضلنا من أجل هذه الحرية ونحن نعتقد أنها ستؤدي آليا إلى رفع مستوى الوعي الجماعي، وأنها ستكون العنصر الأساسي في خلق إعلام راق ومسؤول يساهم في بناء عقل جماعي سليم. ما أثبتته التجربة طيلة السنتين الأخيرتين، وما تثبته الأحداث كل يوم، أن جزءا من الإعلام هو اليوم بيد الثورة المضادة، وأنه يشكل عنصر تهديد للوحدة الوطنية وللسلم المدني، ناهيك عن كونه تعديا صارخا على القيم التي ندافع عنها من موضوعية ونزاهة واحترام للحقيقة


لقد تربينا كلنا -نحن معاشر من دافعوا دوما عن حرية الرأي والتعبير ولا نزال- على مقولة "الخبر مقدّس والتعليق حرّ. إننا اليوم أمام جزء من الإعلام شعاره "الخبر حرّ والتعليق مقدّس


المضحك المبكي أنك عندما تواجه هذا الإعلام ينطلق أصحابه في الصراخ بأن حرية الرأي أصبحت مهددة في تونس، والحال أنه لا يوجد اليوم بلد على سطح الأرض فيه مثل هذه الانتهاكات الصارخة لأبسط قواعد المهنية والأخلاق
 

إنها لوضعية شاذة غير مسبوقة. فما يهدد حرية الرأي والتعبير ليس الدولة، وإنما مجموعات تغرس أسنان مناشيرها -بوعي أو بغير وعي- في الغصن الذي تجلس ونجلس جميعا عليه لتقطعه، ألا وهو اللحمة الوطنية والسلم المدني
 

إنني على قناعة مطلقة بأنه يستحيل الذهاب بمثل هذا الإعلام للانتخابات الحرة والنزيهة التي يجب أن ننظمها قبل دخول الصيف، وأن أحد أهم شروط نجاح تلك الانتخابات إعلام آخر، همي أن يكون مهنيا محايدا وموضوعيا
 

تلك هي مهمة الإعلاميين المهنيين والهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري. فعليهم تحمل مسؤولياتهم بكل شجاعة لفرض حق التونسيين في خدمات إعلامية جيدة، علما بأن واجب الدولة أكثر من أي وقت مضى ألا تسقط في فخّ المنع والقمع، فأكبر التجاوزات بِاسم حرية الصحافة أحسن ألف مرة من سياسة رمْي الصالح مع الطالح والسمين مع الغث، ولا بدّ من الصبر على فترة انتقالية طويلة ستؤدي عاجلا أو آجلا إلى نوع من التوازن

 المصدر:الجزيرة
 


في نفس السياق