2025-05-09 نشرت في

تهريب القُصَّر في تونس: حين يتحول الخلاف العائلي إلى جريمة

لا يزال موضوع تهريب القصر من تونس خارج دائرة النقاش العام، سواء على المستوى الإعلامي أو القانوني. في هذا السياق، سلط المحامي محمد بديس بن عبد الله، المختص في الشأن القانوني، عن الثغرات الموجودة في القانون.



تهريب القُصَّر في تونس: حين يتحول الخلاف العائلي إلى جريمة

الولاية القانونية ومأزق السفر بالقصر

انطلق الأستاذ بن عبد الله في تصريحه ''لاكسبريس'' من شرح المفهوم القانوني للولاية، باعتبارها تمثل مجمل الحقوق المادية والمعنوية التي يتمتع بها أحد الوالدين على الطفل القاصر. وأوضح أن القانون التونسي، منذ 12 جويلية 1993، أقر بالولاية المشتركة بين الأب والأم، ما يمنحهما حقوقًا متساوية في رعاية الأبناء، من ضمنها الحق في السفر بهم، شرط أن يكون ذلك في إطار مصلحة الطفل.

لكن الإشكال يطرأ، وفق المتحدث، حين يتعلق الأمر بنقل مقر إقامة القاصر إلى بلد آخر دون موافقة الطرف الثاني، خاصة في حالة الطلاق أو النزاع. هنا، يتحول الفعل إلى تجاوز قانوني يُمكن التصدي له عبر مسارين:

وقائي: من خلال استصدار إذن قضائي يمنع السفر بالقاصر خارج البلاد.

علاجي: عن طريق المطالبة بإسقاط الحضانة في صورة ثبوت الضرر أو النية في الهروب.

منع السفر وتحجير الحضانة

أوضح الأستاذ بن عبد الله أن الأب، في حالة الاشتباه في نية الأم مغادرة البلاد رفقة القاصر دون علمه، يمكنه اللجوء إلى المحكمة لاستصدار قرار استعجالي يمنع السفر. كما أن اصطحاب القاصر خارج أرض الوطن دون موافقة الطرف الآخر يمكن أن يؤدي إلى إسقاط الحضانة، خاصة إذا كانت نية الاستقرار بالخارج ثابتة.

وفي حال وجود حكم قضائي ينص على مواعيد وحقوق الزيارة والاستصحاب، فإن الامتناع عن تمكين الأب من هذه الحقوق أو تهريب الطفل للخارج يُعد جريمة "عدم إحضار محضون" طبقًا للقانون عدد 2 لسنة 1962، والتي تصل عقوباتها إلى سنة سجن وخطايا مالية.

حين يتحول التهريب إلى جريمة منظمة

الأخطر، بحسب الأستاذ بن عبد الله، هو تهريب الأطفال خارج تونس من قبل أطراف لا تربطها أي علاقة قرابة بالقاصر، سواء من خلال التسلل عبر الحدود أو استغلال ثغرات قانونية في الكفالة أو التبني. في هذه الحالة، يُطبق القانون الأساسي عدد 61 لسنة 2016 المتعلق بمكافحة الاتجار بالأشخاص، والذي يصف هذه الممارسات بالجرائم العابرة للحدود والمنظمة، ويُسلط عقوبات قد تتجاوز 15 سنة سجن وغرامات تصل إلى 100 ألف دينار، خصوصًا إذا كان الضحية طفلًا.

زواج المختلط… مصدر النزاع

يربط الأستاذ بن عبد الله تزايد هذه الحالات غالبًا بالزواج المختلط، حيث يعود أحد الأبوين – سواء تونسيًا أو أجنبية – إلى بلده رفقة الأطفال دون العودة إلى تونس، مما يخلق نزاعات معقدة يصعب حلها قانونيًا في غياب اتفاقيات قضائية دولية تسمح بتطبيق الأحكام التونسية في الخارج.

دعوة لمراجعة فقه القضاء وتفعيل الدبلوماسية

في ختام مداخلته، دعا بن عبد الله إلى تفعيل دور القضاء والدبلوماسية التونسية في التصدي لهذه الظواهر، كما ناشد الأولياء بعدم التخلي عن واجب النفقة باعتباره التزامًا أخلاقيًا وقانونيًا، داعيًا المحامين إلى الطعن في أحكام النفقة حين يُحرم الأب من حقوقه القانونية في الرعاية والزيارة.


في نفس السياق