2022-03-06 نشرت في

6 سنوات مرّت عليها: بن قردان تحيي ملحمة 7 مارس

رغم مرور ست سنوات على ملحمة 7 مارس ببن قردان، لا يزال وقع هذا الحدث الجلل قائما بنفس القوة، وبقيت تفاصيل اطواره عالقة في الاذهان، راسخة في البال، يذكرها الكبار والصغار بكثير من النخوة والاعتزاز، وبحرقة بالغة على الشهداء الذين سقطوا في هذه المعركة الفارقة، ودفعوا دماءهم الزكية فداء لبن قردان ولأرض تونس الابية.



6 سنوات مرّت عليها: بن قردان تحيي ملحمة 7 مارس

فجر يوم 7 مارس 2016، استفاق أهالي بن قردان على أزيز الرصاص، وعلى أصوات معارك تجري هنا وهناك، بدأ بالتفطن إليها من غادر منزله باكرا لاداء صلاة الصبح بالمساجد، او من تعود على النهوض باكرا، او من يشتغل ليلا ليعود الى منزله عند بدايات النهار.

ساعات قليلة كانت كافية لحسم المعركة، ولإحباط مخطط لإقامة إمارة داعشية ببنقردان، ولمنع رفع الخرق السوداء مكان العلم الابيص والاحمر الذي ظل يرفرف في سماء صافية، صفاء عشق يربط ابناء هذا الوطن بوطنهم، ونقاء قلوب لا تتردد في افتداء هذا الوطن بأرواحها.

هذا النصر الساحق والسريع على الارهابيين لم يكن بالامر الهين، فقد عاش ابناء بن قردان في ذلك اليوم التاريخي أوقاتا حرجة، وشعروا بالخوف على بلدهم وعلى عائلاتهم وعلى مصيرهم، إلا أن الاندفاع لحماية الارض والعرض كان سيد الموقف، فهب الكثيرون إلى الشوارع، والى أماكن المواجهات بين القوات الامنية والدواعش، وساهموا في ملاحقة الارهابيين، وفي حراسة بلدتهم دون حسابات، وكان الهدف واحدا هو القضاء على كل من خان الوطن واستقوى بالارهاب على بلده.

نجحت بن قردان في القضاء على الارهابيين، وفي كسر شوكتهم، وأعطت درسا للعالم في دحر المتطرفين، ودحضت أفكارا مسبقة كانت تزعم بأنها يمكن أن تكون حاضنة للارهاب والتهريب.

تعيش بن قردان هذه الايام أجواء إحياء الذكرى السادسة لهذه الملحمة، بنخوة المنتصر، فلم تعد للمطلبية مكان في مثل هذه المناسبة رغم حاجة هذه البلدة إلى الكثير من التنمية من أجل حياة أفضل لانصافها واعادة الاعتبار لها، والاعتراف بما قدمته حتى ينعم التونسيون ب"استقلالهم الثاني" حسب توصيف الناشط الحقوقي، مصطفى عبد الكبير.

عبد الكبير اعتبر أن ما حصل في بن قردان فجر يوم 7 مارس تمثل في دخول قوة مسلحة إلى هذه المدينة الحدودية، وبادرت هذه القوة بنزع العلم الوطني وتغييره بخرقة سوداء، ولم يتم إعادة رفع الراية الوطنية الا بعد ان سالت دماء الشهداء من الامنيين والعسكريين والمدنيين، لذلك فهذه الملحمة مفخرة للتونسييين، في الوقت الذي سقطت فيه مدن اخرى تحت سيطرة تنظيمات تكفيرية على غرار حلب وادلب في سوريا، وسرت في ليبيا، والموصل في العراق.

وقال عبد الكبير إن نفس التكتيك الذي طبق في بن قردان اعتمدته التنظيمات التكفيرية في المدن التي سيطرت عليها وأصبحت إمارات تابعة لها، بان عملت على بث الرعب في المواطنين، وقتل فرد من كل عائلة، وإحداث البلبلة، إلا ان صدمة التنظيم الارهابي في بن قردان كانت كبيرة، إذ أعطت هذه البلدة المثل في المقاومة من خلال هبة شعبية وقفت إلى جانب الامنيين وحمت ظهورهم، وهم ما مكن من القضاء على هذه الجماعات الغاصبة بقوة السلاح ودحرها.

هذا الناشط الحقوقي توجه بدعوة إلى رئيس الجمهورية أن يقر يوم 7 مارس من كل سنة يوما وطنيا لمقاومة الارهاب باعتبار أن بن قردان أهدت في هذا اليوم لتونس استقلالا جديدا وحقيقيا، وأهدت للعالم نظرية جديدة في التحام المدني بالامني والعسكري من اجل القضاء على الغريب، وقد تحررت بعد ذلك، وبفضل هذه النظرية، كل من ادلب والموصل من ربقة الارهابيين.

ويرى عبد الكبير أن بن قردان سبق وأن أعطت درسا آخر للعالم في التضامن والايثار وذلك سنة 2011 عندما استقبلت أكثر من مليون وافد من ليبيا بين مهاجرين ولاجئين وطالبي لجوء، وعابرين احسنت استقبالهم وايواءهم، وتقاسمت معهم الاكل والشرب والسكن، في وقت فشلت فيه دول غربية واوروبية في ذلك وتصرفت بكثير من الميز والعنصرية مع اللاجئيين ومثال ذلك ما يجري حاليا على حدود اوكرانيا مع بولندا ورومانيا.

ودعا الناشط الحقوقي إلى إيلاء اهتمام أكبر بالحاضنة الشعبية وذلك من خلال ضخ الاستثمارات بكامل المناطق الحدودية المهمشة حتى لا تضطر هذه المناطق بفعل الضغط الاقتصادي إلى الانسياق الى تيارات اخرى، أو أن تكون فريسة للتنظيمات الارهابية، مؤكدا على أن من واجب الدولة وضع استراتيجية واضحة في مقاومة الفقر والبطالة، مع مضاعفة الميزانية المخصصة للشباب وللثقافة بما يتيح تكثيف الانشطة الفنية والثقافية الكفيلة بتحصين الشباب من الفكر المتطرف.

وحذر من أن الحاضنة الشعبية قد تتوه وتنفلت، خاصة في ظل تفجر الاوضاع في كل العالم، وتدهور الوضع الاقتصادي والتنموي، ما يتطلب القيام بعمل كبير على المستوى التنموي، والاستثمار في الشباب، وفي التعليم والثقافة، والالتفات اكثر الى هذه المناطق من باب التمييز الايجابي لانها أطراف تونس وقلاعها الحامية


في نفس السياق