Publié le 19-07-2025
شنوّة معناها المثل التونسي ''تعاركت الأرياح، جاء الدرك على الساري؟''
في زحمة الأمثال الشعبية التي تختزل حِكمة الشعوب وتجاربها، يبرز المثل التونسي القديم: "تعاركت الأرياح، جاء الدرك على الساري"، ليقدّم وصفًا دقيقًا وموجزًا لحالة يُمكن أن يعيشها أي فرد في هذا المجتمع: أن تدور النزاعات من حوله، ويكون هو أول من يدفع الثمن رغم براءته من أصل الخلاف.

في أصل الصورة:
يشير المثل إلى حالة طبيعية: عندما تتصادم الرياح من جهات مختلفة، فإن السفينــة تكون في قلب المعركة، ويتحمّل "الساري"– وهو العمود الذي يرفع الشراع – كلّ الضغط الناتج عن تلك الرياح المتضاربة، ما قد يؤدي إلى تكسّره وسقوطه. ورغم أن الساري لا دخل له في ما يحصل في السماء، إلا أنه يتلقى الضربة القاضية.
المعنى المجازي:
في المجتمعات كما في السفن، لا يكون الضحايا دائمًا طرفًا في النزاع. يُقال هذا المثل حين تتصادم المصالح أو تنشب الخلافات بين جهات قوية، سياسية أو اقتصادية أو حتى عائلية، لكن الضرر يصيب الحلقة الأضعف: موظف بسيط، مواطن عادي، أو طفل بريء في وسط نزاع لا يفهمه أصلًا.
متى يُقال المثل؟
عندما يتشاجر الكبار، ويدفع الأبناء ثمن الخلاف.
عندما تتصارع الأحزاب، ويتضرر المواطن.
حين تتعارك الإدارات، ويُظلم الموظف البسيط.
أو حتى في الحياة اليومية، عندما تقع المسؤولية على شخص لم يكن طرفًا في الخطأ.
حكمة شعبية خالدة:
هذا المثل، كغيره من أمثال التراث التونسي، لا ينقل فقط صورة لغوية جميلة، بل يحمل رسالة نقدية اجتماعية عميقة: في كثير من الأحيان، لا تنتصر العدالة، بل يتلقى الأبرياء "الدرك"، بينما المتسببون في العراك ينجون بأقل الأضرار.