Publié le 06-03-2018

مها عبد الحميد : اللّبؤة السوداء لم تمت

هي رسالة كتبتها الجامعية و الناشطة مها عبد الحميد كتحية أخيرة الى روح النقيبة التي فقدناها يوم أمس. إلى نجيبة الحمروني، إلى روح اللبؤة السوداء.



مها عبد الحميد : اللّبؤة السوداء لم تمت

إليك أيتها الجوهرة السوداء التي لمعت في فسيفساء تونس.

أما بعد،

كنت آمل أن تشفي وتعودي وكنت أقول "جارتنا وصلت الموت في 1995 وها هي توة عايشة" كتبت إليك أقول "عودي لنا سالمة كوني قوية... عدينا" لانني على يقين أنك إذا وعدتي وفيتي. لم تجيبيني وفهمتُ أنك فهمت أنك لن تعودي. ومع ذلك "نكذّب وانسّي" و كنت أنتظر أن تظهري ثانية وتكتبي ثانية و تقولي قولك المزعزع ثانية. لم أكن أظن أنني سأحترق وألتاع بهكذا حرقة ولوعة. وآا حرقتاه يا نجيبة. لماذا خررتي أمام المرض وأنت من قاومته بكل قوة وشموخ مدّة اربعة سنوات لماذا إستسلمتي له وما عهدتك مستسلمة. لماذا أغمضتي عينيكي وأنت صاحبة النضرة الثاقبة؟ لماذا علمتنا الحلم وذهبتي قبل أن نحدّثكي عن رايانا. لماذا أنت ؟ أقول قولي هذا و أستغفر الله.

إسمحي لي سيدتي الفاضلة، سيدتي الجميلة، سيدتي الانيقة، سيدتي الشامخة سيدتي التونسية الإفريقية أن أعيد صياغة ماقلته لك على عجل ذات مارس 2013 : أنت متميزة ولون بشرتك الناعم متميز ونضالك متميز وحضورك متميز وصمودك متميز وكل شيء فيك متميز.
حتى موتك متميز. نعم موتك متميز. أنت تعرفين ذلك.

أعلم انه ليس من السهل على إمراة سوداء في تونس أن تتولى مسؤولية كما توليتها أنت عزيزتي نجيبة وأن تصمد أمام العنصرية والتيارات الرجعية صمود لبوة تكشرعن أنيابها فيولّي ،كل من يريد أن تطأ قدمه إقليمها، عائدا إلى الوراء. أبكيكي بحرقة و في الواقع أبكي نفسي. كنت أراك سندي في قضيتي. كنت اراك درعي وصورة السوداء التونسية التي أحلم أن تكون في كل مدينة في كل قرية في كل إدارة وفي كل منصب في كلّ حقل. في تبادل بيننا في 28 نوفمبر 2013 كتبتي تقولين " أنا في موقعي عانيت الكثير من العنصرية ولكن الحل ليس بالسب ولا بفك اللحمة..." خلوقة أنت أيتها الجميلة، تونسية وطنية حتى النخاع مناضلة أنت حتى الثمل، لبوة قهرتي الدكتاتورية والرجعية ووقفت صامدة أمام من يمقت الكلمة والحرية.

أعذريني عزيزتي كنت أودّ أن أزفك إلي حيث ستسكونين...
لكن سأعزي نفسي وأقول أن الملائكة ستزف أجمل عروس على وجه الخليقة.
ثمّ سأعزي نفسي وأقول أن سكناك الأخير في وجداننا، في كلمتنا و في نضالنا المستمرّ...
أنت رمز نجيبة الحمروني والرمز لا يغرب. 

ذات مرّة جمعنا مفهوم الحرية


مها عبد الحميد

Dans la même catégorie