Publié le 06-03-2018

موقف المنصف المرزوقي من التدخل العسكري في ليبيا

نشر الرئيس السابق المنصف المرزوقي تدوينة على صفحته الرسمية على موقع فايسبوك للتعبير عن رفضه لأي تدخل عسكري في ليبيا
 



موقف المنصف المرزوقي من التدخل العسكري في ليبيا

واشار المرزوقي أن أكبر ضحية ستكون تونس ووصف التدخل العسكري المحتمل في ليبيا بـ"أغبى القرارات الممكنة"

في ما يلي التدوينة التي نشرها الرئيس السابق

لا لأي تدخّل عسكري غربي في ليبيا
من مفارقات التاريخ أنك تستطيع أن تكون مسؤولا في دولة عظمى ، أن يكون لك ما لا يحصى من وكالات الاستخبارات ومعاهد البحث وكبار المختصين لنصحك ...وأن تأخذ مع هذا أغبى القرارات الممكنة وأكثرها تكلفة إنسانيا واقتصاديا وسياسيا لبلدك وللعالم .
التدخّل الأمريكي في أفغانستان والعراق نموذجا .
ها هي طبول الحرب تقرع على حدودنا الجنوبية والدولة تستعدّ وتعدّ لاستقبال موجات لا يعلم إلا الله حجمها ومداها من الجرحى ومن اللاجئين بفعل قرار من هذا النوع قد يكلفنا ويكلّف المنطقة بل الغرب نفسه الكثير .
ما لا يفهمه الذين قرّروا التدخّل العسكري في ليبيا أن أكبر ضحية ستكون تونس وهي تواجه عبئا لا تستطيع تحمّله ...أن ثاني ضحية ستكون صورة الغرب وقد أصبحت مقرونة أكثر من أي وقت مضى في ذهن الشباب العربي والمسلم بالحملات العسكرية في أرض العرب والمسلمين ودعم الاستبداد في كل أرجائه ...أن ثالث ضحية سيكون أمنهم القومي وهم يحاربون الإرهاب بصبّ مزيد من الزيت على نار ملتهبة بما فيه الكفاية .
الأهمّ من هذا كلّه عدم فهمهم أنهم يرسّخون في ذهن الأجيال الناشئة الصورة التي تبحث عنها داعش والتي تسعى لغرسها في العقول والقلوب أي أنها القوة الوحيدة التي تدافع عن العرض والأرض في وجه من تسميهم ''الصليبيين الجدد''.
يا لسذاجة استراتيجية تقايض مكاسب ظرفية مؤقتة وجدّ محدودة بخسائر هائلة غير مرئية لها تكلفة باهظة سيدفع ثمنها الأبرياء من العرب والغربيين على الأمد المتوسط والبعيد.
يا لسذاجة هذه الاستراتيجية التي تعتقد أن ضربة عسكرية، ولو كانت بريّة ، قادرة على القضاء على أفكار ،ولو مغلوطة، وأحلام ،ولو مجنونة، ومشاريع ، ولو خيالية ، والحال أنه لا تُقهر الأفكار إلا بالأفكار والأحلام إلا بالأحلام والمشاريع إلا بمشاريع أكثر جاذبية وإغراء.
هذا التدخّل إذا حصل سيكون الهدية الملكية من الغرب لداعش.
هل سيتعقّل أصحاب القرار ويفهمون أن الحلّ تقوية الدولة الليبية وإعانة المنطقة برمتها اقتصاديا لتقف أخيرا على رجليها وترك سكانها يحلون مشاكلهم ومنها الأمنية لأن أهل مكة أدرى بشعابها .... أم هل سيواصلون سياسة ''طبّها فعماها'' ؟
أيا كان المستقبل ، لا خيار لنا نحن التونسيين غير رصّ الصفوف ومواجهة العاصفة المقبلة لا تزيدنا المصاعب والتحديات إلا إصرارا على المضي في الممشى الضيق الذي اخترناه للوصول لبرّ النجاة : رفضنا للارهاب رفضنا للاستبداد ...رفضنا لصراع الحضارات رفضنا للتبعية وسياسة الحملات العسكرية في أراضينا .



Dans la même catégorie