Publié le 06-03-2018

شبح ‘الاثنين الأسود’يرعب بورصات العالم

لا تغيب أحداث "الاثنين الأسود" الذي تحل ذكراه الثلاثين في هذه الأيام، عن ذاكرة البورصات العالمية؛ ففي ذلك اليوم الذي وافق 19 أكتوبر1987، شهدت أسواق المال خسائر لم تتوقعها في أسوأ كوابيسها.



شبح ‘الاثنين الأسود’يرعب بورصات العالم

البداية كانت بانهيار سوق هونغ كونغ في الصين ليمتد تأثيرها وصولاً إلى أسواق غربي أوروبا، ومن ثم إلى السوقين الأمريكي والكندي، قبل أن تمتد الأزمة لأسواق أستراليا ونيوزلندا التي افتتحت أبوابها في صباح اليوم التالي.

وإن بدأ الانهيار العظيم من الصين، فإن الحجر الذي أدى سقوطه لتحطم كل شيء كان بالولايات المتحدة، فقد سبق "الاثنين الأسود" أحداث لا يمكن تجاوزها؛ فسوق الأسهم الأمريكية سجل تقدماً ملحوظاً في تلك الفترة، وبلغ مؤشر "داو جونز" (أكبر مؤشر أمريكي يضم 30 شركة) ذروته في آب 1987، عند 2722 نقطة، أي بارتفاع نسبته 44% مقارنة بإقفال العام السابق.

وتبعاً لقاعدة كل علو يتبعه سقوط إذا لم تحسب العواقب، بدأ في 14 أكتوبر 1987 السقوط، فانخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي 95.46 نقطة بنسبة 3.8٪، وهبط مرة أخرى 58 نقطة بنسبة 2.4% في اليوم التالي.

وفي يوم الجمعة 16 أكتوبر 1987، ارتفعت قيمة الانخفاض ليهبط المؤشر ذاته 108.35 نقطة أي بنسبة 4.6%، ليغلق عند 2246.74 نقطة.

مر يوما العطلة الأسبوعية (السبت والأحد) ليبدأ صباح الاثنين 19 أكتوبر 1987 تحطم البورصات؛ بداية من سوق هونغ كونغ، مروراً بمؤشر فتس 100 في لندن بأكثر من 136 نقطة، قبل أن يمتد التحطم لمؤشر "داو جونز" الأمريكي.

وفي ذلك الوقت أرجع الخبراء سبب هذه الأزمة الاقتصادية القاسية إلى التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، واستخدام برامج الحاسوب سريعة التنفيذ في عمليات البيع والشراء داخل البورصات.

فقد بدأت آنذاك صناديق المعاشات والاستثمار والتحوط تستعمل تقنيات الحاسوب في تنفيذ عمليات شراء وبيع كميات هائلة من الأسهم عندما تسود أوضاع معينة في السوق، وقد أدى هذا الأسلوب إلى تسريع انهيار الأسواق، فالانخفاض السريع في أسعار الأسهم يترتب عليه عمليات بيع أوتوماتيكية ضخمة عبر الحاسوب.

ويضاف إلى ذلك العامل التقني أن الاقتصاد الأمريكي انتقل في آخر 1985 وبداية 1986 من مرحلة النمو السريع والتعافي من الركود المسجل في 1980 إلى تباطؤ النمو.

وقد تمكن العالم من تجاوز تلك الأزمة بعد تدخل الاحتياطي الاتحادي الأمريكي عبر خفض الفوائد لتفادي أي أزمة مصرفية وركود اقتصادي، علاوة على أن الشركات راحت تعيد شراء أسهمها لانتشالها من موجة التراجع.

وتتشابه تلك الأسباب التي حطمت أسواق المال، بحسب الخبراء، إلى حد كبير مع ما يحدث اليوم، الأمر الذي ينذر بتكرار الكارثة بعد ثلاثة عقود من الانهيار العظيم.

وحول ذلك يقول منير سيف، الخبير المصرفي اليمني، إن الأسواق العالمية تمر بمرحلة شبه غامضة بسبب الأوضاع السياسية التي يعيشها العالم نتيجة للأزمة المحتدمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، إضافة إلى التوتر في الشرق الأوسط، وملف إيران النووي الذي طفا مؤخراً على الساحة الدولية بعد حديث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن نيته إلغاء الاتفاقية النووية مع طهران، في حال لم يتم تعديلها.

وأوضح أن ما يعزز توقعه سعي الصين لإصدار عملة مدعومة بالذهب لاستخدامها في عمليات الاستيراد الدولية خاصة النفط، الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار عملة الدولار، وهو ما سيقود لهبوط حاد في البورصات العالمية.

وقال سيف: "بعض البورصات العالمية وخاصة الأمريكية تشهد حالياً ظروفاً شبيهة بما حدث خلال الفترة التي سبقت "الاثنين الأسود"؛ فهي تعيش حالة من الارتفاع الكبير وقد يتبعها في المرحلة المقبلة حالة انهيار حادة".

ويرى أنه من الصعب منع حالة الانهيار المتوقعة في ظل التنافس السياسي والاقتصادي القائم، إلا في حال تعاملت واشنطن بعقلانية مع الأزمة الكورية والملف النووي الإيراني وغيرها من الأزمات السياسية.


وكالات

Dans la même catégorie