Publié le 06-03-2018

فيديو من معركة تحرير سرت..يوم لا ينسى تفاصيله مقاتلو البنيان المرصوص

سرد احد مقاتلي قوات "البنيان المرصوص" التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبي ،وقائع معركة "مطانسة" مطلع أكتوبر الجاري ،أين حاول تنظيم "داعش" التسلّل من المحور الشرقي و السيطرة على ميناء ،قبل أن تصدّهم قوات البنيان المرصوص و تتعامل معهم.



فيديو من معركة تحرير سرت..يوم لا ينسى تفاصيله مقاتلو البنيان المرصوص

 

مرّ عليّ وائل في الموعد، وانطلقنا، وحين وصلنا الخطوط الأمامية في المحور الشرقي وجدنا قادة الكتائب يعدون خطة التقدم باتجاه عمارات الستمائة..
دخلنا إلى موقع أم المعارك. الحضور مكتمل، والمعنويات عالية، نام الجميع مبكرين باستثناء جماعة الحراسة (الدربيل).
أخذت فراشي ونمت أيضا لا أشعر بشيء حتى أيقظني صوت الشبل يدعو لصلاة الفجر، صلينا الفجر جماعة خلف "بلقاسم"، وسمعت الشبل يدعو بصوت جهور: "اللهم إنا نسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده ونعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده".. جهز الجميع عتادهم، السيارات والدبابات والمصفحات والذخيرة،، كل شيء جاهز، ثم..
عبر اللاسلكي: "لا تقدم إلا بعد أن ينهي سلاح الجو مهمته عند الساعة التاسعة، التفت إلينا القائد وهو يقول: "سنجلس هنا ونفطر براحتنا إذا".. ولم يقلقنا شيء أكثر من تأخر وليد في إحضار الخبز الساخن!!
لكن بدا أن الأحداث ستأخذ منعطفا حادا، حين حضر قائد المحور "الجحاوي" وهو يخبرنا بأنه تعرض للرماية!
كلنا سمعنا صوت الرماية، لكن كنا نعتقد أن بعض مقاتلينا يجهزون أسلحتهم للمعركة التي كنا نستعد لها، وفجأة مرت فوقنا طائرة من سلاح الجو الليبي على ارتفاع منخفض.. ماذا يحدث؟!
زادت الرماية أكثر فأكثر، ووصلنا صوت صراخ رفيقنا محمد نصر: "دواعش مشاة في القوز"!
هرعنا كل إلى سلاحه، وأول ما قابلني حين خرجت مشهد لأكثر من عشرين مسلحا يتقدمون نحونا، وتسارعت المشاهد، فدخلوا إلى الميناء عند الخرسانات الاسمنتية بسرعة البرق، مع رماية كثيفة بواسطة الأسلحة الخفيفة، ثم انقسمت فرقة منهم ودخلت مقر الشركة هدفها الصعود إلى الفندق.
كان تطهير الفندق قد أخذ منا الكثير من الوقت وأقض مضاجعنا أياما وليالي حين تمركز فيه القناصة قبالة الميناء وكان علينا حمايته.
وفي قراءة ناجحة أمر قائدنا "36 " بأن يصعد قناصة منا لأسطح الفندق، ولعل هذه الخطوة كانت مفتاح النصر.. بوركت يا 36.. والآن حان دورنا..
بدأنا في الهجوم المضاد، بهدوء وثبات، وكان هذا جليا في كيفية إطلاق النيران من الفوهات (طلقة طلقة) وكأننا في ساحة تدريب، مع العلم -وكما ذكرت- كانت ذخيرتنا وفيرة..
لا تطلق النار إلا على الهدف- يقول الشيخ حسن، وحاول الدواعش كثيرا تجاهل تصدينا لهم والتقدم لكن دون جدوى..
من يتقدم منهم كان يسقط على الفور، كانت منهم فرقة متقدمة باتجاه وسط الميناء وكانت الأقرب لنا، يقول لي عثمان: "ادخل إلى تحت، يختبئون خلف الخرسانات"، ولم يكمل جملته حتى مرت من فوقنا قذيفة "آر بي جي" بفضل لله أخطأتنا، وتمترسنا لحين وصول التعزيزات من الكتائب الأخرى التي هبت لصد الهجوم..
نظرت إلى أعلى فرأيت دبابة أسود تاجوراء وهي تدوس الدواعش في أعلى القوز، "أسود" اسم على مسمى، وأيضاً دبابة الطاجين وباقي المصفحات الأخرى، الله أكبر..
مازال التصدي للمجموعة التي اقتربت مستمرا وأثناء تعاملنا معهم التفت سيارة من كتيبتنا خلفهم أعلى التبة، وشرعت بتصفية الدواعش وتنفيذ حكم الإعدام فيهم واحدا تلو الآخر، وهنا تحول التصدي إلى هجوم كاسح لا يبقي ولا يذر.. المجموعة المتقدمة أبيدت بالكامل. جثت مترامية بجانب الخرسانات..
عدت إلى الميناء لكي أتزود بالذخيرة، فسمعت أخبارا مطمئنة بأن الفندق في أمان، والشباب يبسطون سيطرتهم على المنطقة بالكامل.. تزودنا بالذخيرة ورجعنا إلى ساحة المعركة..
رأيت سيارة الـ "36" ومصفحة التحرير تتقدم نحوهم، وعمر في السيارة يشعل إنارة السيارة ويطفئها، لقد كان يحذرني من شيء ما، ركزت نحوه فإذا هو يشير إلى داعشي مختبئ بين الخرسانات التي على يساري مباشرة، فأخذنا بالالتفاف عليه في لعبة أشبه بلعبة الفأر والقط، وفجأة خرج علينا يريد أن يصعد إلى الدبابة، فعاجلته إطلاقة من عثمان بواسطة رشاش 12.5 اخترقت صدره وخر صريعا.. (تسلم يمينك يا شيخ)..
هاهي الدبابة تدور على العقب ولسان حالنا يقول: "لن ينجو منهم أحد بإذن الله"..
مررت على حوالي عشر جثت، وفي آخر الطريق الواصل إلى القوز رأيتهم يصعدون إلى أعلى والرصاص يطاردهم، أغلبهم مصابون، لكن من يطلق عليهم النار بكثافة هكذا؟
إنهما الشبل ومحمد نصر في آخر جسر الميناء الموازي للقوز.. وخلف القوز كان (الزرع) وفرقته في انتظار من يفر منهم.. في وقت اقتربت فيه "السميّدة" من الشاطئ، وقد سمع بحارتها نداء اللاسلكي لينضموا للمطانسة ولسان حالهم يقول: "أين المفر؟"..
وائل القادم أخيراً من رحلة علاج في تونس يقود المصفحة وقد نفذت ذخيرته، وبدل أن يرجع إلى الميناء للتزود بالذخيرة، أراد أن يستولي عليها من الجثت المرمية.. يفتح الباب وينزل، ويصرخ الحاج عمر اغليو..
كانت لحظة رهيبة، الحاج عمر يصرخ: "إنه حي.. يتحرك" ووائل يتراجع مسرعا تتبعه قنبلة يدوية.. لقد ناور ببراعة أنقذته والحمد لله، إصابة بسيطة، وأكمل الحاج عمر المهمة وأجهز على الداعشي المتماوت..
وها هي المعركة تقترب من نهايتها بنصر ساحق، أدركت أن الشباب لن يتركوا لي فرصة للنيل منهم، وقد ازدحم المكان بالرجال وهم يحصون الجثت.. أحدهم يقول العدد ثلاثون، وآخر يقول لا. هناك جثت لم نحصها حتى الآن، أظن أن العدد أربعون، وبعد لحظات يأتي شاب من التحرير ويقول العدد خمسة وأربعون..
في الأثناء لازال الشباب يطاردون الفلول الهاربة منهم باتجاه منزل "الصيد" أحد قادة الدواعش سابقا، وعند وقت العصر وبعد جمع الجثت تفاجأنا ان العدد هو ثلاث وستون جثة..
صلينا المغرب والعشاء معا وجلسنا نروي لبعضنا ما شاهدناه معا.. شيء لا يصدق.. كيف استطعنا أن نبيد كل هؤلاء؟ إنه التمكين والنصر من عند الله نحمده عليه.
توافد علينا الشباب من المحاور الأخرى وشاركونا فرحتنا، وعند الساعة الحادية عشر مساءا سمعنا صوت رماية في القوز مرة أخرى!! ماذا يحدث؟..
لم يكن لنا بد من إكمال مابدأناه، وفعلا خرجنا وركبت مع الـ 36 في سيارته، لأن رفيقه عمر قد أنهكه القتال ونام، اقتربنا من مصدر الرماية لكن لم يرم علينا، قلت في نفسي: "الحمدلله لقد كفانا الله شره، لكن للـ "36" رأي آخر، قال يجب أن نصعد القوز ونبحث عنه، وفعلا صعدنا وبدأ يسير بسرعة بين الكثبان الرملية ويقول المفروض أحضرنا معنا كاشف صيد (مصباح) وكأنه يريد أن يصطاد أرنبا لا بشرا!.. ويمنّي نفسه بالقول: "قريبا يقفز من أمامنا ونكمل العدد إلى السبعين،، نريدها مطانسة..
سمعت الشباب يقولون "مطانسة" كثيرا وقبل النوم سألت في الميناء عن معنى "مطانسة" قالوا لي إنها كلمة يستخدمها صيادو الأسماك، للدلالة على الصيد الوفير.. فالحمد لله على الصيد الوفير..



Dans la même catégorie